تعاني مجتمعاتنا من قلة الثقافة البرلمانية التي تتبعُها البرلمانات في العالم. ان فقد المعرفة باللعبة البرلمانية يجلب خيبة الامل لنجاح البرلمان. واقصد بالمعرفة البرلمانية هي ثقافة الشعب ووعيه بالطريقة التي لابدّ من تطبيقها للحصول على برلمان ناجح - بغض النظر-عن عوامل أخرى قد تمنع نحاجه.
ولكي نبدأ بتعريف اللعبة البرلمانية لابد لنا من معرفة جميع الاطراف المعنية بالبرلمان والدور الذي تلعبه ,وهي كالآتي اولا: الشعب؛ وهو اهم طرف في هذه اللعبة, ثانيا: الكتلة البرلمانية؛ ثالثا: أعضاء الكتلة البرلمانية وأخيرا الحكومة.
من المهم معرفة و وعي الادوار الرئيسية التي تلعبها هذه الاطراف. فلنبدأ اولا بشرح طريقة عمل البرلمان؛ البرلمان هو عبارة عن مجلس يُنتخب أعضاؤه من قِبل الشعب, حيث يحمل هذا المجلس سلطة تشريعية تختص بتشريع القوانين والقرارات ومناقشتها, وبعد ذلك تمرير ما تم نقاشه إما بإقراره أو بنفيه و يتم هذا بالتصويت بين أعضاء المجلس والفوز للاغلبية. وبكل بساطة فإن التشريعات تمر بسهولة اذا كان الإجماع عليها في التصويت وتتعطل فيما اذا لم يتفق أغلبية الأعضاء. ومن هنا يأتي دور الكتلة البرلمانية, فكلما زاد عدد أعضاء الكتلة البرلمانية في المجلس أزدادت فرصة سيطرتها على البرلمان؛ حيث ان أصوات الاعضاء المنتمين لهذه الكتلة تكون موحدة وهذا ما يضمن لها السيطرة على قرارات المجلس, وهذه المعادلة تعد الأهم في البرلمان. إذن, لكي تكون الكتلة ذات نفوذ في البرلمان وتحقق أهدافها يجب أن تحصد أغلبية المقاعد داخل المجلس, وهذا ما تسعى له الكتل السياسية المشاركة في البرلمان في دول العالم.
ومن هنا يأتي دور الشعب, فالشعب عندما ينتخب مرشحا يجب ان لا ينظر الى شخصية هذا المرشح بصورة فردية, بل يكون إنتخابه مبنياً على الكتلة التي ينتمي لها. فالمرشحين المستقلين تكون نسبتهم في تمرير آراءهم ضئيلة مقارنة بالكتلة البرلمانية داخل المجلس. وببساطة فإن انتخاب الشعب للكتلة وليس للشخص نفسه هو السر في نجاح البرلمان وتحقيق الآمال المرجوة في أجندة الكتلة.
إن ما ينقصنا هو ثقافة الكتلة البرلمانية ودورها داخل المجلس, فالشعب عندما يركز إنتخابه لكتله معينه, هو بذلك يضمن صوتا له تاثير كبير داخل البرلمان, على العكس تماما عندما يكون التركيز على أفراد مستقلين يمثلون صوتاً واحداً لربما تجتمع معه أصوات فردية أخرى ولربما لا. ان فهم الدور الذي تلعبه الكتلة البرلمانية داخل البرلمان يعكس وعي وثقافة الشعب بما يتطلبه التقدم السياسي في العالم. ان قلة الوعي بثقافة الكتلة البرلمانية وتطبيق الثقافة القديمة التي تقوم على انتخاب أشخاص لهم سمعة ونشاط وحركة إجتماعية في المنطقة لا يخدم اللعبة البرلمانية بالصورة المطلوبة,؛ نعم لاباس أن يتمتع المرشح بهذه الصفات, ولكن الاهم أن ينتمي لكتلة برلمانية معينة تحمل أجندة واضحة وأهداف مرسومة تتفق مع تطلعات الشعب وتأمين أعلى درجات الفائدة. حتى تضمن هذه الكتلة أكبر عدد من المقاعد البرلمانية وبالتالي يكون نفوذها أكبر داخل المجلس. وبالتالي يصبح البرلمان في قبضة هذه الكتلة أو تلك التي ساندها أغلبية الشعب وأوصلها لقمة البرلمان. ليس للحكومة دور كبير في السلطة التشريعية في حال وجود مجلس تشريعي مختص, يحمل صلاحيات تشريع القوانين وتمريرها, فعند وجود مثل هذا المجلس يكون دور الحكومة فقط هو اقرار وتنفيذ ما يصدر عن المجلس التشريعي.
إن المهمة الأصعب في جميع مراحل الانتخابات تقع على كاهل الكتلة البرلمانية, وتكمن هذه الصعوبة في وضع أهداف تحقق رضا الشعب و بناء أجندات واضحة تدعم مصالح الناس. بالاضافة الى انتقاء اعضاء اصحاب كفاءات تختص بالمهام التي يناقشها المجلس. وفي هذه المرحلة يأتي دور الترويج والاعلام لأهداف الكتلة اولا ,ولمرشحيها ثانيا وعلى هذا الاساس تنتخب هذه الكتلة أو تلك؛ لا على أسس شخصية أو حتى أجتماعية.